في توبيخ غير مسبوق من جانب الأمم المتحدة أصدرت المقررة الخاصة المعنية بـ «الحق في السكن الملائم» ليلاني فرحة بيانًا أدانت فيه الحكومة المصرية بسبب إقدامها على ما وصفته بحملة من «الانتقام» من مواطنين مصريين كانت قد التقت بهم أثناء زيارتها لمصر في بعثة أممية رسمية قبل شهرين.
وقالت ليلاني فرحة، في البيان الصادر مساء أمس الثلاثاء: «لقد أخفقت مصر في الالتزام بالتأكيدات التي قدّمتها لي بأن أحدًا لن يتعرّض للمضايقة، أو الترويع، أو الانتقام نتيجة لقائهم بي أو تقديم معلومات لي أو للوفد المرافق لي في سياق زيارتي». وأضافت: «إنني أشعر بالصدمة لأن عددًا من أفراد الأُسر المقيمين في منطقتين قمت بزيارتهما قد تعرّضوا بعد انتهاء بعثتي للإخلاء القسري من منازلهم بالمخالفة لقانون حقوق الإنسان».
وأثناء زيارتها لمصر في الفترة من 24 سبتمبر إلى أكتوبر الماضيين زارت فرحة ما تبقى من منطقة «مثلث ماسبيرو»، ومنطقتي الدويقة والحطابة بالقاهرة، ومدينة السادس من أكتوبر، ومحافظة المنيا كذلك.
كما اتهم البيان الأممي أجهزة الأمن المصرية باستعمال القوة المفرطة ضد السُكّان الذين رفضوا مغادرة منازلهم، فضلًا عن «نمط مثير للقلق من الإجراءات الانتقامية» ضد أفراد ومجتمعات على صلة مباشرة بزيارة المقررة الخاصة للأمم المتحدة.
كما تلقى مسؤول أممي آخر، هو مايكل فروست، مقرر الأمم المتحدة بشأن «المدافعين عن حقوق الإنسان»، معلومات بشأن انتهاكات مماثلة تعرّض لها محامون ونشطاء حقوقيون يعملون في مجال «الحق في السكن»، قالوا إن «أشخاصًا غير معلومين لهم قاموا بتتبعهم والتقاط الصور لهم، وأنهم تلقوا تهديدات عبر مكالمات هاتفية من مصادر مجهولة، أو تمّ استدعاؤهم من قِبل الشرطة للتحقيق معهم، كما صدر قرار بمنع محامٍ من السفر بعد لقائه بالسيدة فرحة»، بحسب فروست.
وعبّرت المقررة الخاصة، في البيان الصادر أمس، عن خيبة أملها بسبب منعها أثناء زيارتها من دخول جزيرة الوراق، والتي شهدت على مدى العامين الماضيين مواجهات بين سُكّانها وبين السلطات الحكومية، وصلت إلى ذروة جديدة الأسبوع الماضي بإصدار مجلس الوزراء قرارًا بنزع ملكية أراضي الجزيرة وتخصيصها للمنفعة العامة. فيما أعرب سُكّان الجزيرة عن رفضهم الامتثال للقرار الذي وصفوه بـ «غير المنصف».
وفي رسالة تلقاها «مدى مصر» صباح اليوم، الأربعاء، من مكتب المقررة الخاصة بشأن التطورات الأخيرة في ما يخص جزيرة الوراق حذرت ليلاني فرحة من انتهاكات محتملة جديدة لحقوق الإنسان في الجزيرة، قائلة: «في حال أدى قرار الحكومة إلى عمليات إخلاء للسُكّان، أو أثر بالسلب على ظروف سكنهم فإن ذلك سيثير إشكاليات بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان»، بحسب الرسالة.
كان كل من فرحة وفروست قد أثارا مخاوفهما تلك بشكل رسمي مع الحكومة المصرية، بداية من نوفمبر الماضي، دون تلقي أي رد حكومي، بحسب البيان نفسه. وقال المسؤولان الأمميان إنه ما لم تضمن الحكومة المصرية أن «المدافعين عن حقوق الإنسان وضحايا انتهاكات حقوق الإنسان سيتمكنون من التواصل مع مبعوثي الأمم المتحدة لقضايا حقوق الإنسان دون خوف من التعرّض للانتقام، فإن مصر قد تكون غير جاهزة لاستقبال أي زيارات أخرى».
وفي مؤتمر صحفي عقدته بالقاهرة في ختام بعثتها عبرت المقررة الخاصة عن مخاوفها بشأن عمليات الإخلاء القسري التي تقوم بها الحكومة في المناطق غير الرسمية. كما ذكرت في حوار حصري مع «مدى مصر» في الرابع من أكتوبر الماضي أنها تشعر بالقلق بشأن استبعاد المجتمعات المحلية من المشاركة في وضع سياسات الإسكان.
وفي حوار سابق مع «مدى مصر»، قالت المقررة الأممية: «الحكومة المصرية ما زالت بعيدة عن الاعتراف بجمال السُكّان المحليين ومجتمعاتهم، وبما يمكن أن يحدث عندما تعطيهم المساحة والحرية للتواجد. الحكومة في مصر مركزية للغاية، وبالتالي وبشكل متأصل هي تعمل من أعلى لأسفل. ربما تكون هناك بعض التحركات لتفكيك ذلك الوضع قليلًا، لكنها ليست كافية حتى الآن».
عشان من حقك الحصول على معلومات صحيحة، ومحتوى ذكي، ودقيق، وتغطية شاملة؛ انضم الآن لـ"برنامج عضوية مدى" وكن جزءًا من مجتمعنا وساعدنا نحافظ على استقلاليتنا التحريرية واستمراريتنا. اعرف اكتر
أشترك الآن