السيسي يُصدر قانون «الجمعيات الأهلية»: مهلة سنة لتوفيق الأوضاع واللائحة بعد شهرين

نشرت الجريدة الرسمية اليوم، الإثنين، قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بإصدار قانون الجمعيات الأهلية رقم 70 لسنة 2017، بعد ستة أشهر من موافقة مجلس النواب على القانون.

وألزمت المادة الثانية من مواد إصدار القانون «جميع الكيانات التي تمارس العمل الأهلي وفق التعريف المنصوص عليه في القانون المرافق أيًا كان مسماها القانوني أن تقوم بتوفيق أوضاعها وفقا لأحكامه وذلك خلال سنة من تاريخ العمل به وإلا قضت المحكمة المختصة بحلها».

كما نصت المادة السادسة من مواد الإصدار على أن «يُصدر رئيس مجلس الوزراء اللائحة التنفيذية للقانون المرافق خلال شهرين من تاريخ نشره».

 

كان مجلس النواب قد وافق على القانون بأغلبية فاقت الثلثين في 29 نوفمبر الماضي، متجاهلًا اعتراضات وزيرة التضامن التي امتنعت عن حضور جلسات مناقشة القانون وإقراره؛ وتلك التي أعلنتها الجمعيات الأهلية والأحزاب السياسية. وازداد الجدل بشأن القانون ومصير بعد مرور مدة الثلاثين يومًا التي حددها الدستور للرئيس لإصدار القانون أو الاعتراض عليه وإعادته للبرلمان.

وفي مارس الماضي كشف عبد الهادي القصبي، رئيس لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب، في تصريحات لـ«مدى مصر» أن مشروع قانون الجمعيات الأهلية الذي أقره المجلس، ما زال في البرلمان ولم يُرسل إلى رئاسة الجمهورية، مضيفًا أنه لا صحة لما تردد عن اعتراض رئيس الجمهورية على القانون وإعادته إلى البرلمان.

جاءت تصريحات القصبي ردًا على بيان لمحمد أنور السادات، النائب المُسقطة عضويته من المجلس، قال فيه إن الرئيس السيسي قام برد القانون إلى المجلس ﻹعادة مناقشة بعض مواده.

عقب نشر القانون في الجريدة الرسمية، قال النائب محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب، لـ«مدى مصر» إن مكتب البرلمان (الرئيس والوكيلين) لم يرسل القانون إلى السيسي إلا قبل أيام قليلة، مؤكدًا أن الرئيس صدق على القانون فور تسلمه من البرلمان.

وأوضح أبو حامد أنه لا يوجد في الدستور ولائحة البرلمان ما يلزم مجلس النواب بإرسال مشروعات القوانين التي وافق عليها الأعضاء إلى الرئاسة خلال مدة معينة، ولكن الإلزام الوحيد هو أن يصدق أو يعترض الرئيس على القانون قبل مرور 30 يومًا من إرسال البرلمان القانون إليه.

وأضاف النائب أن الرئيس صدق على القانون الذي أعدته لجنة التضامن، ووافق عليه البرلمان في جلسة 29 نوفمبر الماضي كما هو، ليبرهن للجميع عن رضائه عن كافة نصوص القانون، وتابع: «الرئيس أسكت كل المتوهمين في تعديل القانون».

كان مجلس الوزراء قد أعلن في 20 أكتوبر الماضي موافقته على مشروع قانون الجمعيات الأهلية الذي أعدته وزارة التضامن الاجتماعي أثناء تولي أحمد البرعي للوزارة. وبالتزامن مع إعلان الحكومة عن موافقتها على القانون أعلن رئيس لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب الذي سبق وتقدم بمشروع قانون للجمعيات الأهلية في دور الانعقاد الأول، أن لجنته قاربت على الانتهاء من دراسة مواد القانون، وأنه لن ينتظر قانون الحكومة، وبالفعل انتهت لجنة القصبي من مناقشة القانون دون دعوة وزيرة التضامن لأيًا من اجتماعاتها.

نوقش مشروع القانون المقترح من رئيس لجنة التضامن عبد الهادي القصبي و204 نواب آخرين خلال جلستي البرلمان في 14 و15 نوفمبر الماضي، استغرقت كلا منهما ساعتين، وافق خلالهما غالبية النواب على مواد القانون، ليعلن بعدها رئيس البرلمان إرساله إلى قسم التشريع بمجلس الدولة لمراجعة مدى تطابقه مع الدستور وإعادة صياغته.

أعلن مجلس الدولة أنه تلقى مشروع القانون في 21 نوفمبر الماضي، ورغم أن مراجعة قسم التشريع للقوانين، التي تقترب عدد موادها من قانون الجمعيات الأهلية، عادة ما تترواح بين شهر إلى شهرين، إلا أن القسم لم يستغرق أكثر من أسبوع واحد لمراجعة القانون.

في 28 نوفمبر، أعلن رئيس قسم التشريع بمجلس الدولة في مؤتمر صحفي، انتهاء القسم من مراجعة القانون، ليفاجئ رئيس البرلمان النواب في جلسة 29 نوفمبر بعرض القانون بعد أن أدخلت عليه لجنة التضامن بعض التعديلات استجابة لملاحظات قسم التشريع، ولبعض الملاحظات التي تلقتها بعد اجتماع عقده ائتلاف «دعم مصر» مع عدد من الجمعيات الأهلية.

جاء القانون متضمنًا 89 مادة، تشمل المواد التي وصفها معارضو القانون بـ«المصادرة  للحق في العمل الأهلي»، حيث أبقى القانون على نصوص المواد: (13) التي تحظر على الجمعيات الأهلية  ممارسة أي نشاط يدخل فى نطاق عمل الأحزاب أو النقابات المهنية أو العمالية أو ذات طابع سياسي أو يضر بالأمن القومى للبلاد أو النظام العام أو الآداب العامة أو الصحة العامة، و(14) التي تلزم الجمعيات الأهلية بتنفيذ خطة الدولة في التنمية، وعرض استطلاعات الرأي التي تجريها على الحكومة، بالإضافة إلى المادة (88) التي تعاقب بالحب مدة لا تزيد عن سنة، أو بالغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد عن 500 ألف جنيه، لكل من أجرى أو شارك فى إجراء بحوث ميدانية أو استطلاعات رأي في مجال العمل الأهلي دون الحصول على موافقات الجهات المعنية قبل إجرائها، وكذلك المادة (70) الخاصة بتشكيل الجهاز القومى لتنظيم عمل المنظمات الأجنبية غير الحكومية ووجود ممثلي وزارات الدفاع والداخلية والمخابرات العامة ضمن أعضائه، كذلك المادة (75) التي تعطي لرئيس الجمهورية حق تعيين الأمين العام للجهاز وباقي أعضائه، إلى جانب المواد الخاصة بشروط تلقي التبرعات، وفتح مقرات للجمعيات في المحافظات.

ويعطي الدستور في المادة 75 منه للمواطنين «حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية على أساس ديمقراطي، وتكون لها الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار، وتمارس نشاطها بحرية، ولا يجوز للجهات الإدارية التدخل في شئونها، أو حلها أو حل مجالس إداراتها أو مجالس أمنائها إلا بحكم قضائي، ويحظر إنشاء جمعيات أو مؤسسات أهلية أو استمرارها يكون نظامها أو نشاطها سريا أو ذا طابع عسكري أو شبه عسكري، وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون».

يصف النائب هيثم الحريري القانون بأنه «سيئ السمعة»، قائلًا لـ«مدى مصر» إن تصديق الرئيس السيسي على هذا القانون فاجئ كثير من نواب البرلمان، خاصة وأنه سوف يُسيء لمصر في الداخل والخارج. وأوضح الحريري أن نواب تكتل 25/30، الذي ينتمي إليه، مازالوا على موقفهم الرافض للقانون حتى بعد إصداره، مضيفًا: «القانون سلق في 4 ساعات ومكث في الأدراج 6 أشهر لكي يصدر».

التصديق على القانون، الذي انتقده المشرعون الأمريكيون، يمكن أن يعرض للخطر المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر بقيمة 1.3 مليار دولار، والتي وافقت عليها إدارة الرئيس ترامب في شهر مارس.

من جانبه قال نائب مدير السياسات في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط كول بوكنفيلد لـ«مدى مصر» إن «15٪ من المساعدات لا تزال مشروطة بمؤشرات حقوق الإنسان والحوكمة، بما في ذلك أن تتخذ الحكومة المصرية  خطوات فعالة لحماية حريات التعبير، وتكوين الجمعيات، والتجمع السلمي، وقدرة منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام على العمل دون تدخل». وسيكون الأمر متروكًا لوزير الخارجية ريكس تيلرسون إما أن يرفع أو يفرض هذه الشروط للإفراج عن هذه المساعدات.

وأكد بوكنفيلد أن الأمر لا يزال متروكًا للكونغرس إذا كانت مصر ستتلقى 1.3 مليار دولارًا كمساعدات عسكرية أم لا على الرغم من طلب الرئيس ترامب بحدوث ذلك. كما سيحدد الكونغرس الشروط الواجب الوفاء بها قبل منح تلك المساعدات أيضًا.

وكان السياسي الأمريكي لينديسي غراهام، أحد كبار المعارضين، قد انتقد بشدة قانون المنظمات غير الحكومية في ديسمبر الماضي مهددًا بقوله: «في حالة توقيع الرئيس السيسي على هذا التشريع الصارم، سنعمل على تعزيز شروط المعايير الديمقراطية وأوضاع حقوق الإنسان بشأن المساعدات الأمريكية لمصر في السنوات المالية 2017 و 2018».

عُدّل نص الخبر بعد إضافة ترجمة تصريحات كول بوكنفيلد لـ«مدى مصر» إلى العربية.

اعلان

دعمك هو الطريقة الوحيدة
لضمان استمرارية الصحافة
المستقلة والتقدمية

عشان من حقك الحصول على معلومات صحيحة، ومحتوى ذكي، ودقيق، وتغطية شاملة؛ انضم الآن لـ"برنامج عضوية مدى" وكن جزءًا من مجتمعنا وساعدنا نحافظ على استقلاليتنا التحريرية واستمراريتنا. اعرف اكتر

أشترك الآن