مسؤول فلسطيني: التباين المصري الفلسطيني بشأن مفاوضات السلام ما زال مستمرًا
لقاء الرئيسين، المصري عبد الفتاح السيسي والفلسطيني محمود عباس - القاهرة، مارس 2017 - المصدر: صفحة المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية على فيسبوك
 

قال مسؤول فلسطيني رفيع المستوى إن السلطة الفلسطينية ما زالت تعارض أي مقترح يقبل بدء التفاوض مع إسرائيل دون التعامل مع قضية الاستيطان أولًا، معتبرًا أنه من المبالغة أن يوصف الاجتماع الثنائي بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والفلسطيني محمود عباس، مطلع الأسبوع الجاري، بكونه إنهاء لصفحة التباين الكبير في وجهات النظر بينهما.

ووصل عباس إلى القاهرة يوم الاثنين الماضي متجاوزًا الموعد المتفق عليه للوصول وهو الأحد، بعد زيارة إلى العاصمة القطرية الدوحة، ما أدى إلى تأجيل لقائه مع السيسي ليوم واحد. وصرّحت الرئاسة المصرية بأن اللقاء يأتي للتركيز على استئناف مفاوضات السلام والتأكيد على التمسك المصري بحل الدولتين على أساس حدود 1967.

«اللقاء أكد على رفض عباس الواضح لأي مقترح مصري، حتى لو دعمته الأردن والإمارات والدول الخليجية الأخرى، يقبل ببدء التفاوض مع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول الحل النهائي للصراع دون حل عقدة الاستيطان أولًا. حتى في سياق ما تسميه القاهرة بتطوير مبادرة السلام العربية، وهو ما يراه عباس ومعاونوه إلغاءً كاملًا للمبادرة وتحويلها لصالح وجهة النظر الإسرائيلية للتطبيع»، حسبما أضاف المسؤول القريب من الرئاسة الفلسطينية، الذي طلب عدم نشر اسمه، لـ «مدى مصر».

ويعود تاريخ المبادرة العربية للسلام للعام 2002، حين طُرحت من قبل ولي العهد السعودي حينها، الملك السابق فيما بعد، عبد الله بن عبد العزيز. ومثّلت نقلة نوعية في الموقف السعودي من القضية الفلسطينية، إذ قدمت عرضًا عربيًا جماعيًا بالتطبيع الشامل مع الاحتلال الإسرائيلي مقابل تسوية سياسية تدار على أساس حدود 1967.

وتشهد العلاقات بين الحكومة المصرية والسلطة الفلسطينية توترات واضحة، تجلت خلال شهر ديسمبر الماضي، حين سحبت مصر مشروع قرار كانت تقدمت به إلى مجلس الأمن لإدانة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية. وذلك بناءً على ضغط إسرائيلي وأمريكي. غير أن كل من فنزويلا ونيوزيلندا والسنغال وماليزيا أعادت تقديم مشروع القرار وتبناه مجلس الأمن بموافقة مصر في نهاية الأمر.

وبحسب المسؤول الفلسطيني، فإن عباس «كان واضحًا في حديثه مع السيسي عن حدود ما يستطيع القبول به وما لا يستطيع، حتى مع الأخذ في الاعتبار الأوضاع الإقليمية التي لا تبدو داعمة أبدًا للإرادة الفلسطينية بضرورة وقف الاستيطان لبدء التفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي، أو عدم البدء في التفاوض إطلاقًا على أي ملف».

وشهدت جامعة الدول العربية، مطلع الشهر الحالي، خلافًا حادًا بين المندوبين المصري والفلسطيني لدى الجامعة على خلفية اقتراح تقدم به الأول، لإدخال تعديل على صياغة البيان الختامي للاجتماع يفتح الباب لتعديل مبادرة السلام العربية، غير أن الاقتراح تم تجاهله بعد معارضة فلسطينية حازمة.

وشهدت القاهرة خلال الشهر الماضي مؤتمرًا دعا إليه السياسي الفلسطيني، المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، وصفه بأنه يأتي لمحاولة إصلاح ما فشلت السلطة في تحقيقه وكمسعى لرأب الصدع بين الفرقاء الفلسطينيين. وحاولت السلطة الفلسطينية عرقلة المؤتمر، حتى أن جهاز الأمن الوقائي، التابع لسلطة عباس، حذر علنًا من المشاركة فيه، كما اعتقل 9 من المشاركين بالفعل عقب عودتهم إلى الضفة الغربية من القاهرة.

وفي الشهر نفسه، منعت سلطات مطار القاهرة أمين سر اللجنة المركزية في حركة فتح، جبريل الرجوب، من دخول مصر، وأمرت بترحيله إلى الأردن، دون توضيح أي أسباب. وكان الرجوب، وهو أحد أقرب السياسيين الفلسطينيين إلى عباس، في طريقه لمؤتمر لجامعة الدول العربية، تسلم دعوة رسمية للمشاركة فيه.

وخلال الأسابيع الماضية تصاعدت المساعي الدولية لإعادة مباحثات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والمتوقفة منذ العام 2014 جراء اتساع رقعة الاستيطان الإسرائيلي. وبعد انخفاض وتيرة الحديث عن المبادرتين الفرنسية والمصرية للسلام، أعادت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب طرح المسألة. حيث أكد كلا الطرفين الأميركي والإسرائيلي أن المباحثات المباشرة كانت العنوان الرئيسي للقاء ترامب ونتنياهو في اجتماعهما في واشنطن مطلع الشهر الجاري. كما يستعد الرئيسين المصري والفلسطيني لزيارة البيت الأبيض لبحث العنوان نفسه.

وأوفد ترامب أوائل الشهر مبعوثه للشرق الأوسط جيسون جرينبلات للاجتماع مع كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو ونظيره الفلسطيني محمود عباس، للتأكيد على «التزام ترامب بأمن إسرائيل، ومساعدة الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني على تحقيق السلام الدائم من خلال المفاوضات المباشرة».

كان عباس تلقى اتصالًا هاتفيًا من ترامب، الأسبوع الماضي، يؤكد على دعوته لزيارة البيت الأبيض، وعلى أهمية عودة المفاوضات.

من جانب آخر، أكد مصدر حكومي مصري قريب من ترتيبات اللقاء بين السيسي وأبو مازن لـ «مدى مصر» أنه «من المبالغ فيه أن نشهد نشاطًا سياسيًا كبيرًا فاعلًا إزاء عملية السلام، وإنما من الممكن أن تكون هناك تحركات سياسية ودبلوماسية تقوم بها الأطراف المختلفة، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك تقييمات مختلفة لدى السلطة الفلسطينية والأطراف الفلسطينية الأخرى».

اعلان

دعمك هو الطريقة الوحيدة
لضمان استمرارية الصحافة
المستقلة والتقدمية

عشان من حقك الحصول على معلومات صحيحة، ومحتوى ذكي، ودقيق، وتغطية شاملة؛ انضم الآن لـ"برنامج عضوية مدى" وكن جزءًا من مجتمعنا وساعدنا نحافظ على استقلاليتنا التحريرية واستمراريتنا. اعرف اكتر

أشترك الآن