مصر في مؤخرة مقياس الملكية الفكرية: ثغرات بالقانون ومشاركة محدودة في الاتفاقات الدولية
 
 

من بين 45 دولة، جاءت مصر في المركز 41 على مقياس الملكية الفكرية بدرجة 9.38، وهي درجة منخفضة إذا عرفنا أن الدرجة المتوسطة 15.39 بينما يبلغ المتوسط بالنسبة للمنطقة 13.73.

استند المقياس، الذي يصدره مركز الملكية الفكرية الدولي التابع لوزارة التجارة اﻷمريكية في تقرير سنوي، إلى 35 معيارًا تحت ستة عناوين هي براءات الاختراع وحقوق الملكية الفكرية والعلامات التجارية واﻷسرار التجارية والتصديق على المعاهدات والاتفاقيات الدولية وتطبيق الالتزامات، باﻹضافة إلى اتفاقية حول الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية والشراكة العابرة للمحيط الهادئ.

واعتبر التقرير أن أبرز النقاط التي تتسم بالضعف هي وجود ثغرات في قانون حماية الملكية الفكرية، ومعدّلات القرصنة المرتفعة، والمشاركة المحدودة لمصر في الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالملكية الفكرية.

ظلت القرصنة فيما يتعلق ببرامج الكمبيوتر عند نسبة 61% دون تغيير من عام 2009. وأرجع التقرير هذا إلى العقوبات «الفضفاضة» التي يقرها القانون فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الملكية الفكرية، وازدحام المحاكم المصرية وعدم قدرتها على استيعاب قضايا من هذا النوع.

يقول التقرير إن القانون المصري 82 لسنة 2002 لا يحدد أي حقوق للسياق الرقمي أو اﻹنترنت: «على سبيل المثال، لا يشمل القانون أي نظام عامل للتنويه أو الحذف لانتهاكات اﻹنترنت»، مشيرًا كذلك إلى حالة الضبابية فيما يتعلق بتسجيل براءات الاختراع الخاصة ببرامج الكمبيوتر.

يرى محمود عثمان، المحامي بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، أن سبب هذه الضبابية يرجع إلى المادة الثانية من الكتاب اﻷول بالقانون، التي تنص على أن براءات الاختراع لا تُمنح لبرامج الكمبيوتر. لكن، وطبقًا للمادة 140 في الكتاب الثالث من القانون نفسه، تتمتع حقوق المؤلفين -ومن بينها برامج الكمبيوتر- بالحماية.

وعلى الرغم من أن القانون لا يسمح بها، إلا أن مكتب تسجيل براءات اختراع برامج الكمبيوتر يقوم بتسجيلها، كما تدعم هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات التابعة لوزارة الاتصالات تسجيلها داخل مصر وخارجها.

وأشار التقرير إلى أن تسجيل برامج الكمبيوتر من قِبَل الشركات لا يشكّل أكثر من 25% على الرغم من أن 95% من هذه الشركات تنتج برامجًا تدّعي أنها تستحق الحماية كملكية فكرية.

وأضاف التقرير أن القرصنة فيما يتعلق ببرامج الكمبيوتر ظلت عند نسبة 61% دون تغيير من عام 2009، وأرجع هذا إلى العقوبات «الفضفاضة» التي يقرها القانون فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الملكية الفكرية، وازدحام المحاكم المصرية وعدم قدرتها على استيعاب قضايا من هذا النوع.

حصلت مصر في العنوان الخاص بالانضمام والتصديق على المعاهدات الدولية على درجة صفر.

يختلف عثمان مع عدد من ملاحظات التقرير، خصوصًا فيما يتعلق باعتبار العقوبات «فضفاضة»، مشيرًا إلى المادة 181 من القانون، والتي تواجه انتهاكات الملكية الفكرية بصورها المختلفة بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.

يعتقد عثمان أن الدولة المصرية لا تهتم بمسألة حماية حقوق الملكية الفكرية بقدر اهتمامها بحماية نفسها، مدللًا على ذلك بلجوء النظام لاستخدام الإدارة العامة لمباحث المصنفات وحماية حقوق الملكية الفكرية لاقتحام المراكز الحقوقية والمنظمات المدنية بدعوى حيازتها لنسخ مقرصنة من أنظمة الكمبيوتر، وانتهاكها للقانون.

وحصلت مصر في العنوان الخاص بالانضمام والتصديق على المعاهدات الدولية على درجة صفر، على الرغم من توقيع مصر على عدد كبير من المعاهدات والاتفاقيات الدولية في مجالات الملكية الفكرية المختلفة، والتي تحددها صفحة مصر على موقع المنظمة العالمية للملكية الفكرية التابعة للأمم المتحدة.

وجاءت هذه الدرجة بسبب تأخر تصديق مصر على معاهدة المنظمة العالمية للملكية الفكرية للإنترنت، ومعاهدة سنغافورة فيما يخص قانون العلامات التجارية، واتفاقية التجارة الحرة التي تلت الاتفاقية حول الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية.

كما جاء ضمن ملاحظات التقرير أن مكتب تسجيل براءات الاختراع في مصر لا يسمح بادعاءات الاستخدام الثاني بسبب عدم سماح القانون به، حيث تنص المادة الثالثة من الكتاب اﻷول من القانون على أنه «لا يعتبر الاختراع جديدًا كله أو جزء منه في الحالتين الآتيتين: 1- إذا كان قد سبق طلب إصدار براءة اختراع أو صدرت براءة عنه أو عن جزء منه في جمهورية مصر العربية أو في الخارج قبل تاريخ تقديم طلب البراءة. 2- إذا كان قد سبق استعمال الاختراع أو استغلاله في جمهورية مصر العربية أو في الخارج بصفة علنية أو كان قد أفصح عن وصفه على نحو يمكن ذوي الخبرة من استغلاله قبل تقديم طلب البراءة».

«يجب أن يتركز حوارنا حول زيادة أشكال المعرفة إلى جانب ضمان حقوق منتجيها»

يشير عثمان إلى الفتوى رقم 286 لسنة 2016 الصادرة من إدارة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة حول هذه المادة بشأن جواز نشر جريدة براءات الاختراع إلكترونيًا على موقع مكتب براءات الاختراع توفيرًا للوقت والنفقات وتيسيرًا على ذوى الشأن، وانتهت الفتوى إلى وجوب نشر الجريدة ونماذج المنفعة ورقيًا، وعدم جواز الاكتفاء بنشرها على الموقع الإلكتروني لمكتب براءات الاختراع.

وعلى الرغم من التفاصيل الكثيرة المتعلقة بقياس حماية الملكية الفكرية، إلا أن نجلاء رزق، المدير المؤسس لمركز إتاحة المعرفة من أجل التنمية التابع للجامعة اﻷمريكية، تطرح تساؤلًا يتعلق بجدوى هذا القياس نفسه: «لماذا يهتم المقياس بالنظر إلى الملكية الفكرية وليس إلى اﻹنتاجية الفكرية؟».

تقول نجلاء إن سبب هذا هو العائد المادي والاقتصادي للتعامل مع المعرفة كسلعة، مشيرة إلى أن النظر إلى المعرفة كملكية تحمل إشكالية في داخلها: «تختلف فلسفة المعرفة عن باقي السلع ﻷنها -على عكس كل السلع- تزيد قيمتها مع زيادة استهلاكها».

بالنسبة لها، لا بد من الابتعاد عن هذه النظرة الفوقية للمعرفة والاهتمام بالمعرفة التشاركية، وتحقيق التراكم المعرفي، والاهتمام بالمعرفة التي تتكون في القطاعات غير الرسمية. «يجب أن يتركز حوارنا حول زيادة أشكال المعرفة إلى جانب ضمان حقوق منتجيها»، تقول نجلاء.

اعلان
 
 
محمد حمامة 
 
 

دعمك هو الطريقة الوحيدة
لضمان استمرارية الصحافة
المستقلة والتقدمية

عشان من حقك الحصول على معلومات صحيحة، ومحتوى ذكي، ودقيق، وتغطية شاملة؛ انضم الآن لـ"برنامج عضوية مدى" وكن جزءًا من مجتمعنا وساعدنا نحافظ على استقلاليتنا التحريرية واستمراريتنا. اعرف اكتر

أشترك الآن