قرض صندوق النقد: الآن صرنا نعرف
الصندوق ينشر تفاصيل الاتفاق وخطة الحكومة بعد شهرين من الانتظار
 
 
 
المصدر: Stephen Jaffe/IMF@ Flicker
 

المزيد من رفع أسعار الطاقة، وحزمة إنفاق اجتماعي بقيمة 25 مليار جنيه على الأقل، وخطة لهيكلة قطاع الطاقة يعدها استشاري مستقل، وإلغاء التراخيص الصناعية باستثناء ما يؤثر على المصلحة العامة، هذه بعض الإجراءات التي تعهدت بها مصر ضمن اتفاق قرض صندوق النقد الدولي، والذي تم الكشف عنه في تمام الخامسة من مساء اليوم، الأربعاء، بعد حوالي شهرين من موافقة مجلس مديري الصندوق، في 11 نوفمبر الماضي، بشكل نهائي على طلب القرض البالغة قيمته 12 مليار دولار على ثلاث سنوات.

ورفع صندوق النقد الدولي حظر النشر عن الوثائق المتعلقة بالقرض الذي منحه لمصر، والتي تشمل تفاصيل الجدول الزمني للإجراءات التي تلتزم مصر باتخاذها مقابل الحصول على القرض، وأهم العقبات التي تواجه تنفيذ برنامج اﻹصلاح، بينما عقد كريس جارفيس، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر والمستشار في إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق، مؤتمرًا صحفيًا للتعليق على الوثائق.

شملت الوثائق تقرير الخبراء، وخطاب النوايا الموقع من محافظ البنك المركزي طارق عامر ووزير المالية عمرو الجارحي، ومذكرة السياسات الاقتصادية والمالية الملحقة بخطاب النوايا، باﻹضافة إلى بيان لجارفيس، وبيان آخر للمدير التنفيذي لمصر بالصندوق حازم الببلاوي.

وفصّلت مذكرة السياسات الاقتصادية والمالية اﻹجراءات المزمع اتخاذها من الجانب المصري حتى نهاية يونيو 2017.

ويقول الصندوق على الصفحة الأولى من الوثيقة إن سياسات الشفافية الخاصة به تسمح بحذف المعلومات المؤثرة على الأسواق والإفصاح قبل الأوان عن نوايا السلطات فيما يخص الإجراءات المستقبلية، مما يعني أنه قد تكون هناك إجراءات تم الاتفاق عليها غير مذكورة في الوثائق.

وعلى الرغم من عدم اﻹفصاح عن اﻹجراءات الاقتصادية المزمع اتخاذها لاحقًا حتى نهاية فترة القرض في 2019، إلا أن خطابًا من حازم الببلاوي، العضو الممثل لمصر في مجلس مديري الصندوق، كشف عن اعتزام الحكومة خفض دعم الطاقة من 6.5% من الناتج المحلي اﻹجمالي في 2012-2013 إلى 1.75% هذا العام، مع خفضها لاحقًا إلى 0.5% من الناتج المحلي.

تسلسل زمني لشروط قرض صندوق النقد الدولي لمصر – إعداد عمر سعيد

كانت الحكومة المصرية قد رفعت أسعار المواد البترولية المدعومة في 3 نوفمبر الماضي، بنسب تتراوح بين 30.5% و 46%. في ثاني خطوة من نوعها منذ ثورة يناير 2011. وذلك بعد ساعات من إصدار البنك المركزي قرارًا بتعويم الجنيه المصري.

وتقول ريهام الدسوقي، كبير المحللين ببنك الاستثمار «أرقام كابيتال» إنه كان من المفترض أن يحدث وفورات في دعم الطاقة بسبب رفع الأسعار، لكن خفض الجنيه أمام الدولار أدى إلى حدوث زيادة كبيرة فيه، «لو لم تتلق مصر تدفقات كبيرة من الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام، من خلال الطروحات في البورصة وعلى رأسها بنك القاهرة، فإن هذا الضغط قد يؤدي إلى احتمال رفع جديد لأسعار الطاقة وضغط على عجز الموازنة».

ووفقًا للوثائق، تلتزم الحكومة بحلول 30 يونيو 2017 بزيادة اﻹنفاق الاجتماعي على برامج الدعم النقدي والمعاش الاجتماعي ووجبات المدارس والتأمين الصحّي والعلاج المجاني للفقراء بمقدار 25 مليار جنيه، وإنفاق 250 مليون جنيه ﻹنشاء حضانات عامة لدعم قدرة المرأة على البحث عن عمل، وتقول «الدسوقي» إن الوفر الناتج من رفع أسعار الطاقة كان هو المصدر المتوقع لتمويل هذه البرامج.

كان محمد معيط، نائب وزير المالية لشؤون الخزانة العامة، قد أعلن في تصريحات صحفية قبل يومين عن زيادة مخصصات التأمين الصحي بمقدار 3 مليارات جنيه خلال العام الجاري، وزيادة المعاشات ورفع الحد اﻷدنى ﻷي معاش يقل عن 500 جنيه، ورفع دعم السلع التموينية من 42 مليار إلي 53 مليار جنيه، وزيادة مخصصات برنامج الدعم النقدي «تكافل وكرامة» بمقدار 2.5 مليار جنيه لتبلغ 6.6 مليار جنيه.

وفي المقابل، على الحكومة المصرية، بحلول 31 مارس 2017، تبني استراتيجية إعادة هيكلة لقطاع الطاقة بناء على تقرير يصدره استشاري خارجي، لم تحدده الوثائق، وأن تنتهي من إعداد خطة عمل ﻹعادة الاستقرار المالي للهيئة العامة للبترول. ولم توضح المذكرة معايير الاستقرار المالي للهيئة، لكن بيانًا أصدرته السفارة البريطانية في مصر تعليقًا على القرض بعد أيام من الموافقة عليه، كشف عن «خطة تسديد الديون المستحقة لشركات البترول العالمية العاملة في مصر» من أموال القرض.

في الوقت نفسه، تجهز الحكومة سجلًا برصيد الضمانات الحكومية القائمة بحلول آخر مارس من العام الجاري. «يتعلق هذا الأمر بحجم الدين الحكومي الكبير وديون الهيئات العامة، التي تضمنها وزارة المالية مثلًا»، بحسب «الدسوقي».

كما أشارت المذكرة أيضًا إلى التزام مصر، بحلول نهاية ديسمبر الماضي، بتقليص رصيد السحب على المكشوف إلى 75 مليار جنيه عبر إصدار سندات حكومية بقيمة 250 مليار جنيه، وكذلك موافقة البنك المركزي على قواعد استثمار جديدة ﻹدارة الاحتياطي النقدي اﻷجنبي.

ضريبة على البورصة

وفقًا للوثائق، تلتزم الحكومة المصرية بفرض ضريبة على نشاط البورصة، إما في صورة ضريبة دمغة أو على الأرباح الرأسمالية، بحلول آخر مايو المقبل. وستمثل الخطوة تراجعًا عن موقف الحكومة السابق، إذ أعلن المجلس اﻷعلى للاستثمار في نوفمبر الماضي عن تأجيل العمل بالضريبة على أرباح النشاط في البورصة لمدة ثلاث سنوات.

كما تلتزم الحكومة بإعداد قانون جديد للتراخيص يشمل التخلص من تراخيص القطاع الصناعي باستثناء الصناعات المضّرة بالمصلحة العامة، وقصر الموافقات المسبقة من الدفاع المدني واﻹطفاء على المنشآت عالية الخطورة. كما تنتهي الحكومة قبل آخر يناير من إعداد بيان شامل بالمخاطر المالية (مخاطر الاقتصاد الكلي، شركات القطاع العام، الديون، المعاش، الالتزامات الطارئة).

كانت مصر قد التزمت بإجراءات سبقت الموافقة على القرض شملت تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الوقود وتبني القيمة المضافة كنظام ضريبي.

تتم مراجعات الصندوق الخمسة لالتزامات مصر -بحسب ما ورد في تقرير الخبراء- طبقًا للجدول الزمني التالي:
في 15 مارس 2017، لما تم حتى نهاية ديسمبر 2016.
في 11 نوفمبر 2017، لما تم حتى نهاية يونيو 2017.
في 15 مارس 2018، لما تم حتى نهاية ديسمبر 2017.
في 11 نوفمبر 2018، لما تم حتى نهاية يونيو 2018.
في 15 مارس 2019، لما تم حتى نهاية ديسمبر 2018.

مخاطر اقتصادية يتوقعها الصندوق

بحسب تقرير الخبراء، يتوقع الصندوق عددًا من المشاكل التي قد تواجه البرنامج المصري، تتمثل في توقع خبراء الصندوق اتساع الفجوة التمويلية بمقدار 35 مليار دولار خلال السنوات الثلاثة المقبلة. كما أوضح التقرير وجود «مخاطر هامة» في قدرة مصر على سداد القرض، وقال التقرير إن البنك المركزي المصري ووزارة المالية وقعا على مذكرة تفاهم بمسؤوليات كل منهما لضمان سداد القرض.

ويضيف التقرير أن تمويلات برنامج القرض مؤمنة فقط حتى نهاية العام المالي الحالي 2016-2017، «لكن تمويلات إضافية بحاجة للتأمين للأعوام 2017-2018 و 2018-2019»

كانت مصر، قد أمنت قبل موافقة الصندوق على القرض مبلغ 6 مليارات دولار من قروض ومنح ثنائية من دول ومؤسسات دولية. وتنتظر مصر تلقي 4 مليارات من الصندوق كشريحة ثانية للقرض، ومليار ونصف أخرى من البنكين الدولي والأفريقي للتنمية خلال 2017.

شملت حزمة القروض الإضافية للقرض:
مليار دولار من الإمارات
2.7 مليار دولار من الصين في اتفاق تبادل للعملات
مليار دولار من البنك الدولي
1.35 مليار دولار من بنوك تجارية دولية
3.2 مليار دولار من البنك الأفريقي للاستيراد والتصدير
950 مليون دولار من طرح سندات باليورو
250 مليون دولار من ألمانيا
150 مليون دولار من المملكة المتحدة
150 مليون دولار من فرنسا
50 مليون دولار من اليابان

وتواجه مصر توترًا سياسيًا كبيرًا في علاقتها بالمملكة العربية السعودية، التي كان يعول عليها كطرف رئيسي في عمليات التمويل المطلوبة من قبل الصندوق إلى جانب القرض.

تأخر كبير في النشر

طبقًا لمعايير الصندوق الخاصة بالشفافية، تُنشر كل الوثائق الخاصة بالإقراض خلال مهلة من 14 حتى 28 يوم عمل كحد أقصى منذ الموافقة النهائية على القرض، وهي المهلة التي انتهت منذ أسابيع.

ويقول الصندوق في معايير الشفافية الخاصة به إنه إذا لم يتم نشر وثائق دولة ما خلال 28 يومًا من اجتماع مجلس الصندوق، سوف يصدر الصندوق بيانًا بالوقائع يشير إلى نوايا السلطات في ما يخص النشر.

وفي تواصل مع «مدى مصر» أوائل ديسمبر الماضي، وعد الصندوق بنشر وثائق القرض خلال أيام قليلة، مؤكدًا على موافقة مصر نشر الوثائق. وهو الوعد الذي تكرر عدة مرات خلال الفترة السابقة دون أن يتم نشر الوثائق.

وأتت موافقة الصندوق على القرض بعد ما يقرب من ثلاثة أشهر على الاتفاق الأوّلي بين الصندوق ومصر على القرض، والذي اتخذت مصر على إثره عددًا من الإجراءات الاقتصادية لتحقيق شروط المؤسسة المالية الدولية والحصول على التمويل.

وقال البيان الصحفي الصادر عن الصندوق بعد الموافقة على القرض إنه سيمنح مصر شريحة أولى من القرض قيمتها 2.75 مليار دولار فورًا، على أن تتسلم مصر المبلغ الباقي على مراحل «رهنًا بخمس مراجعات في تلك الأثناء» للسياسات المطبقة.

اعلان
 
 
محمد حمامة 
 
 

دعمك هو الطريقة الوحيدة
لضمان استمرارية الصحافة
المستقلة والتقدمية

عشان من حقك الحصول على معلومات صحيحة، ومحتوى ذكي، ودقيق، وتغطية شاملة؛ انضم الآن لـ"برنامج عضوية مدى" وكن جزءًا من مجتمعنا وساعدنا نحافظ على استقلاليتنا التحريرية واستمراريتنا. اعرف اكتر

أشترك الآن