المرأة والسُلطة: قوانين تساعد النساء وقوانين تضرهن
 
 

رغم أن مصر وقّعت على العديد من الاتفاقيات الدولية التي تتعهد بحماية وضمان حقوق المرأة ومساواتها بالرجل أمام القانون، ومن بينها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في عام 1984، لكن ما زالت هناك نصوص كثيرة في قانون العقوبات المصري تمارس التمييز ضد المرأة.

في ما يتعلق بالأحوال الشخصية والعنف الجنسي على وجه الخصوص نجد عددًا قليلًا جدًا من القوانين التي تضمن حقوق المرأة بشكل حقيقي. وهناك أيضًا بعض الأمثلة على القوانين التي تفرض عقوبات أقسى على المرأة منها على الرجل، حتى في حالة ارتكاب نفس الجريمة.

ومن الناحية الأخرى نجد سلسلة من القوانين الصادرة حديثًا قد حسنت من الوضع القانوني للمرأة في بعض المجالات، وأغلبها نتيجة ضغط القواعد الشعبية.

وبما أن الشهر الجاري يضم مناسبة يوم المرأة العالمي، نستعرض في «مدى مصر» القوانين التي تؤثر سلبًا في النساء والقوانين التي يمكن أن تستخدمها النساء لحماية حقوقهن.

القوانين التي تميز ضد المرأة

قوانين الزنى

تختلف قوانين الزنى في مصر بالنسبة للرجل عن المرأة. فالقانون المصري لا ينسب تهمة الزنى إلى الرجل إلا إذا مارس الجنس مع امرأة في المسكن الذي يقيم فيه مع زوجته.

وإذا مارس الرجل الجنس مع سيدة غير متزوجة خارج منزل الزوجية لا تعد هذه جريمة زنى في نظر القانون. لكن إذا ارتكب جريمة الزنى مع سيدة متزوجة خارج المسكن المقيم فيه مع زوجته يعد شريكًا في الجريمة وليس فاعلًا أصليًا.

وهكذا إذا مارس رجل الجنس مع سيدة غير متزوجة في فندق، على سبيل المثال، لا يكون قد ارتكب جريمة الزنى في نظر القانون.

ومع ذلك لا تتمتع المرأة الأفضلية نفسها. فالمرأة في قانون العقوبات المصري توجه إليها تهمة الزنى سواء كانت في منزلها أم خارجه. وعلاوة على ذلك، سواء كان الشخص الذي أقامت معه علاقة متزوجًا أم لا توجّه إليها تهمة الزنى أيضًا.

وبالإضافة إلى ذلك تختلف عقوبة الزنى بالنسبة للرجل عن المرأة. إذا ارتكبت المرأة جريمة الزنى داخل منزل الزوجية أو خارجه يمكن معاقبتها بموجب المادة 274 من قانون العقوبات بالحبس لمدة قد تصل إلى سنتين. أما إذا ارتكب الرجل عقوبة الزنى داخل منزل الزوجية لا تتعدي عقوبته الحبس ستة أشهر.

ولقد صرحت مجموعة “نظرة” للدراسات النسوية المدافعة عن حقوق المرأة،  في تقرير أصدرته عن القوانين التي تؤثر سلبًا في السيدات في مصر بأن “هذا التمييز ممقوت؛ لأنه يشجع الرجل على الزنى مرتين: الأولى بإباحة الفعل إذا حدث في غير منزل الزوجية، والثانية بتخفيف عقابه عن عقاب الزوجة ولو خانها في منزل الزوجية”.

قوانين العنف الجنسي

تخلو المادة رقم 268 من أي تعريف للاعتداء الجنسي، وترى مجموعة “نظرة” للدراسات النسوية ضرورة تعريفه ليشمل “كل فعل يستطيل إلى الناجية أو الناجي ومن شأنه الحط منهم، أو القيام بأفعال جنسية دون رضاهم لا تصل إلى حد الاغتصاب”.

قوانين الاغتصاب

يجرم القانون المصري الاغتصاب خارج نطاق الزواج، وتتراوح عقوبته من الحبس ثلاث سنوات إلى الحكم بالسجن المؤبد أو الإعدام. ولا توجد عقوبة لاغتصاب الزوجة.

كما جاء في المادة 17 من قانون العقوبات المصري، أنه يجوز للقاضي في قضايا الاغتصاب تخفيف العقوبة المقررة على المتهم درجتين؛ حيث تنص المادة على ما يلي: “يجوز فى مواد الجنايات إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من أجلها الدعوى العمومية رأفة القضاة تبديل العقوبة”.

وإذا ثبتت تهمة اغتصاب سيدة على رجل وحكم عليه بالسجن المؤبد يستطيع القاضي بموجب القانون أن يخفف العقوبة إلى السجن فقط، كما يمكن تخفيف عقوبة السجن إلى الحبس لمدة ثلاثة أشهر.

وحسب مركز “نظرة” تستخدم هذه المادة في كثير من الأحيان لتخفيف العقوبة في قضايا الاغتصاب.

ومع ذلك فقد شهدت قوانين الاغتصاب تحسنًا طفيفًا في السنوات الأخيرة. وقد كان قانون العقوبات حتى عام 1999 يسمح بموجب المادة 291 للشخص الذي قام باغتصاب شخص آخر أو خطفه بأن يتجنب العقوبة عن طريق الزواج من الضحية.

بينما تظل المادة 267 من قانون العقوبات ظالمة للسيدات الناجيات من الاغتصاب بشكل كبير، فهي لا تعتبر إجبار الرجل للمرأة على ممارسة الجنس اغتصابًا إلا إذا كان هناك اتصال جنسي “كامل” بين الأعضاء التناسلية للذكر والأنثى، أي أن الاغتصاب باستخدام أي شيء آخر غير العضو التناسلي، أو الاغتصاب في أي مكان آخر بخلاف العضو التناسلي للمرأة لا يعد اغتصابًا بمفهوم القانون.

قانون الإجهاض

لا تستطيع أية امرأة بموجب القانون المصري القيام بالإجهاض إلا إذا كان في إنهاء الحمل إنقاذًا لحياتها. وبذلك لا يحق للمرأة الإجهاض بغرض الحفاظ على صحتها البدنية أو النفسية في حالات الاغتصاب أو نكاح المحارم أو تشوه الجنين، ولا لأسباب اقتصادية أو اجتماعية أو لرغبتها في ذلك.

ويقدر عدد الوفيات الناتج عن عمليات الإجهاض غير الآمنة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة 11 في المئة من الأمهات، وهناك على الأرجح المزيد من الحالات التي لا يتم التبليغ عنها نظرًا لعدم قانونية الإجهاض.

داليا عبدالحميد، مسؤولة ملف النوع الاجتماعي وحقوق المرأة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تقول إن جزءًا من المشكلة في ما يخص قوانين الإجهاض، هو موضوع خلافي، ولذا لا يوجد سوى عدد قليل من منسقي القواعد الشعبية أو المشرعين يسعى لإحداث تغيير.

تقول عبدالحميد: “لا أحد يريد التحدث عن قوانين الإجهاض؛ لأنه موضوع شائك ولا أحد يريد أن يوصم به”.

قانون العنف الأسري

حسب المادة 60 من قوانين العقوبات المصري “لا تسري أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملًا بحق مقرر بمقتضى الشريعة”.

ويرى مركز “نظرة” أن تلك المادة كثيرًا ما تستخدم للدفاع عن المتهمين في قضايا العنف الأسري، ما يساعد كثيرًا من الأزواج على الإفلات من العقاب.

كما لا يوجد في مصر قانون يتناول قضايا العنف الأسري بشكل مباشر.

القوانين التي يمكن أن تستخدمها المرأة لحماية حقوقها

قانون ختان الإناث

قامت الحكومة بتجريم ختان الإناث في عام 2008. وتكون عقوبة هذه الجريمة الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تجاوز ثلاث سنوات أو بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه.

لكن، كما أشارت عبدالحميد، نادرًا ما يتم تطبيق ذلك القانون. وهي تعتقد أن الحكومة قد أخطأت عند تعديل هذا القانون؛ لأنه “تم تغييره دون إشراك المجتمع بشكل حقيقي في النقاش عن الحاجة إلى تعديل القانون. لم تنجح الحملة التي نظمتها الدولة بشكلٍ كافٍ وكانت مثالًا على التغيير من أعلى”.

وأضافت: إن معظم الدعاوى التي أقيمت مؤخرًا ضد ختان الإناث تعد مثالًا على مدى فشل القانون في التطبيق. فحسب إحصاءات منظمة “اليونيسيف” تتعرض 98 في المئة من نساء مصر إلى عملية الختان. لكن باستثناء الدعوى المقامة في يناير 2015، والتي مثلت حدثًا بالغ الأهمية؛ حيث تمت إدانة الطبيب الذي أجرى عملية الختان للطفلة سهير الباتع البالغة من العمر 13 عامًا، لم تصدر أي أحكام في قضايا ختان الإناث.

قانون التحرش الجنسي

في عام 2014، أصدر الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور قانونًا لمكافحة التحرش الجنسي للمرة الأولى في تاريخ مصر.

وينص القرار الذي أصدره ـ رقم 50 لسنة 2014ـ على تعديل بعض أحكام قانون العقوبات لتغليظ العقوبة على أعمال التحرش الجنسي، وأضاف المادة 306ب التي أصبح التحرش الجنسي بموجبها جريمة.

وأثنت عبدالحميد على القانون الذي جاء بعد حملة شعبية مطولة بدعمٍ من النشطاء وأفراد المجتمع. كما قالت إن قانون مكافحة التحرش الجنسي يطبق بشكل دوري على عكس قانون ختان النساء.

وأوضحت: “كانت هناك حاجة حقيقية ملموسة على الأرض إلى تعديل القانون، ولقد استفاد الناس منه بعد تعديله”.

قانون الترويع والتهديد

يجرم القانون رقم 6 لسنة 1998 الترويع أو التهديد باستخدام القوة ضد الزوجة أو الطفل أو أحد الأبوين. ومع أنه لا يوجد في مصر قانون مختص بالعنف الأسري، إلا أن القانون رقم 6 يوفر بعض الحماية للمرأة في حالة تعرضها إلى العنف الأسري.

وجاء في تقرير أصدرته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن مركز “النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب”، قد قام بكتابة مشروع قانون للعنف الأسري في عام 2012، ولكن الحكومة لم تستخدمه. ورغم أن العنف الأسري ما زال يشكل خطرًا، لكن القانون رقم 6 يوفر بعضًا من الحماية الأساسية للسيدات اللاتي يتعرضن إلى العنف الأسري.

قانون الخلع

في عام 2000 صدّق الرئيس الأسبق حسني مبارك على القانون رقم 1 لسنة 2000 ليجيز الخلع بموجبه. وأصبح لدى المرأة في ظل هذا القانون الجديد الحق في طلب الطلاق بسبب “عدم التوافق” بين الزوج والزوجة دون أن تضطر إلى تقديم دليل على الأذى.

وجاء هذا القانون نتيجة لحملة شنتها منظمات حقوق الإنسان والنشطاء لفترة طويلة. كما أتاح هذا القانون إمكانية أن تقدم الحكومة نفقة بدلًا من الآباء غير القادرين على تحمل نفقة الزوجة ونفقة الأطفال. ويمنع هذا القانون أيضًا الرجل من تطليق زوجته دون إخطارها مسبقًا.

وأشار تقرير نشرته منظمة “هيومن رايتس وتش” في عام 2004، إلى أن واحدًا من أسباب نجاح القانون كان اعتماده على الشريعة الإسلامية، ما جعل القضاة يتقبلونه بشكل أفضل.

ومع ذلك انتقدت المنظمة القانون قائلة: “وإذا كان الخلع قد ساعد بعض النساء، بوضوح، في الحصول على الطلاق بسهولة أكبر، فإنه لم يعالج بصورة وافية ذلك التفاوت الجوهري في عملية الطلاق بين الرجل والمرأة”.

فالرجال في مصر على عكس النساء لديهم الحق في الطلاق دون اللجوء إلى المحكمة.

اعلان
 
 
بِشا ماجد 
 
 

دعمك هو الطريقة الوحيدة
لضمان استمرارية الصحافة
المستقلة والتقدمية

عشان من حقك الحصول على معلومات صحيحة، ومحتوى ذكي، ودقيق، وتغطية شاملة؛ انضم الآن لـ"برنامج عضوية مدى" وكن جزءًا من مجتمعنا وساعدنا نحافظ على استقلاليتنا التحريرية واستمراريتنا. اعرف اكتر

أشترك الآن